بح ـث عن التسمم الغذائي

الملخص :

يوضح هذا البحث مفهوم التسمم الغذائي وخصائصه وأنواعه ومصادره ومدى تفشيه في المجتمعات . وأثر الأمراض وتلوث البيئة والجهل والاستغلال التجاري للسلع الغذائية في انتشاره . ويحث المؤسسات المعنية على ضرورة رصد ومتابعة وتحليل الإحصائيات المحلية والعالمية المتعلقة بالتسمم الغذائي من أجل تقييم المشكلة ومعالجتها ومقارنتها والاستفادة من نتائجها . ويشير إلى مدى تطور طرق الرقابة الصحية على الأغذية في مجال التسمم الغذائي والتقنيات الحديثة المستخدمة في إنخفاض نسب حالاته ودور الأجهزة الرقابية في الحد من انتشاره وتكثيف فعالياتها في المراحل الأولية لإنتاج وتصنيع الغذاء خاصة صحة مواده الخام والأجهزة والمعدات المستعملة وصحة العاملين عليها والمنتجات الغذائية النهائية وأماكن إنتاجها وصحة نقلها وتداولها في الأسواق .

يبين هذا البحث فعالية الرقابة الصحية في الأسواق ومشاكلها السائدة في رقابة الغذاء أثناء تخزينه ونقله وتداولة . و ينادي برفع المستوى العلمي و زيادة فرص التخصص للكوادر الوطنية في مختلف المجالات العلمية مثل الأطباء البيطريين وغيرهم . و يطالب بضرورة المواظبة على تفعيل البرامج الإعلامية العلمية المرئية وغير المرئية ، لإرشاد المواطن وتوضيح مفاهيم صحة الغذاء عامة والتسمم الغذائي خاصة وأساليب الوقاية ودور كل فرد في المجتمع للحد منه . كما يشير إلى دور التعليم وتكثيف البرامج التعليمية المتخصصة بالإنسمام الغذائي . كذلك يسعى للتواصل المستمر بين الخبراء ومختلف الكوادر الوطنية من مختلف الوزارات المعنية لتطبيق البرامج العلمية . ويركز على ضرورة تطوير المختبرات العلمية التشخيصية في الجامعات والوزارات والبلديات في مناطق المملكة وتفرع اختصاصاتها وتخصيص كوادرها و تجهيز مختبراتها بأجود الأجهزة العالمية لقياس الحد الأدنى لمسببات التسمم الغذائي بأنواعه المختلفة . كما يحرص هذا البحث على ضرورة وجود برنامج وطني يقوم بإدراج الأساسيات والمهام والعمل على تخفيض نسب التسمم الغذائي بأنواعه ومتابعته إحصائياً في المملكة والتصدي لجميع مؤدياته وفرص إنتشاره . كما يحث على استمرارية تحسين القوانين والأنظمة والمواصفات القياسية وتفعيلها وتطبيق نصوصها وسن الحديث منها والمواظبة على ملأمتها لشروط صحة الإنتاج في المراحل الأولية ومراحل التصنيع والتسويق ومواكبتها للتقدم العلمي والتكنولوجي الحديث بما يخدم صحة وتكنولوجيا الغذاء وصحة الإنسان واقتصاد الوطن والمواطن .

المقدمـــة :

يعتبر التسمم الغذائي إحدى مشاكل العصر الحديثة وواحدة من أهم مشاكل تلوث البيئة الذي غدا يهدد حياة الإنسان ويهدد مصادره الغذائية . ونحن على علم إن تاريخ التسمم الغذائي قديم جداً فهو يعود إلى أقدم الحضارات منذ أن خلق الله الإنسان وعرفه بالغذاء فبدأ يميز فيه بين الضار والصالح ومن ثم بدأ يخزن المؤن ويتعرف على خواصها وكيفية ومدة حفظها . من ثم جاءت الأديان السماوية الثلاثة ومنها ذكر الطعام والشراب ففي القرآن الكريم يقول تعالى ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به ، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم ) وفي قوله تعالى ( الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ، كلوا وارعوا أنعامكم ) طه : 53ـ54 .

ويقول سبحانه عز وجل ( كلوا واشربوا ولا تسرفو ، إنه لا يحب المسرفين ) البقرة : 60 . ومن الأحاديث النبوية ( إذا استيقظ أحدكم فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً ، فإنه لا يدري أين باتت) مسلم ( إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ) متفق عليه ( إذا أكل أحدكم فيأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه ) مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة : فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ) أخرجه الترمذي .